فشَرفٌ لرسول الله ألاَّ يعلم شيئاًَ استأثر الله بعلمه، والقيامة غَيْبٌ مطلق لم يُعْطِ الله مفاتحه لأحد حتى الرسل.
وقد يُكرِم الله تعالى بعض خَلْقه، ويُطلِعه على شيء من الغيب، ومن ذلك الغيبيات التي أخبر بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ دون أن يكون لها مُقدِّمات توصِّل إليها، فلا بُدَّ أنها أتته في وحي القرآن، كما في قوله تعالى:{الم غُلِبَتِ الروم في أَدْنَى الأرض وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِين}[الروم: ١٤] .
وكان الروم أقرب إلى الله؛ لأنهم أهل كتاب، وكان الفرس كفاراً يعبدون النار، لذلك كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وصحابته يتمنْون انتصار الروم على الفرس، فنزل الوحي على رسول الله يخبره {غُلِبَتِ الروم}[الروم: ٢] لكنهم في النهاية {سَيَغْلِبُونَ}[الروم: ٣] ولولا أن الله تعالى حدد غلبهم {فِي بِضْعِ سِنِينَ}[الروم: ٤] لكان انتصارهم دائماً، لكن مَنْ يستطيع تحديد مصير معركة بين قوتين عُظميين بعد بضع سنين إلا الله؟
ولأن انتصار الروم يُفرِح المؤمنين بالله، قال سبحانه:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمنون بِنَصْرِ الله}[الروم: ٤٥] .
وتشاء قدرة الله أنْ يأتيَ انتصار الروم على الفرس في نفس