تكاسل الناس في أدائها، فمنّا مَنْ لا يصلي أو لا يُزكِّي. إلا الحج حيث قال الله فيه:{وَأَذِّن فِي الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالاً ... }[الحج: ٢٧] فمجرد أن تؤذن يأتوك.
لذلك نجد من غير القادرين على نفقات الحج من يجوع ويُمسك على أهله ليوفِّر تكاليف الحج، فهو - إذن - الفريضة الوحيدة التي يتهافت عليها مَنْ لم تطلب منه.
ونلحظ أن إبراهيم - عليه السلام - دعا بالأمن للحرم مرتين: مرة في قوله: {رَبِّ اجعل هذا بَلَداً آمِناً ... }[البقرة: ١٢٦] يعني: اجعل هذا المكان بلداً آمناً، كأيِّ بلد آمن لا تُقام إلا في مكان يُؤَمِّنون فيه كل مُقوِّمات الحياة، فأيّ بلد لا تُبنى حتى من الكافر إلا إذا كان آمناً فيها، فالطلب الأول أنْ يتحول هذا المكان الخالي إلى بلد آمن، كما يأمن كل بلد حين ينشأ، وهذا أمن عام.
ثم يدعو مرة أخرى {رَبِّ اجعل هذا البلد آمِناً ... }[إبراهيم: ٣٥] بعد أن أصبحتْ مكة بلداً آمناً يطلب لها مزيداً من الأمن، وهذا أمن خاص، حيث جعلها بلداً حراماً، يأمن فيها الإنسان والحيوان والنبات، بل والجماد.
وقالوا: أين هذا الأمن، وقد حدث في الحرم الاعتداء والقتل وترويع الآمنين، كما حدث في أيام القرامطة لما دخلوا الحرم، وقتلوا الناس فيه، وأخذوا الحجر، وفي العصر الحديث نعرف حكاية جهيمان، وما حدث فيها من قَتْل في الحرم.