ونلحظ هذا التمكين وهذا الأمن من قصة الفيل، حيث جاء أبرهة ليهدم الكعبة، ويتقدّم الجيش فيل ضخم يقال له محمود، فلما قالوا في أذنه (أبرُكْ محمود وارجع راشداً) يعني: انفد بجلدك (فإنك ببلد الله الحرام) فبرك الفيل واستجاب.
ثم جاءت معركة الطير الأبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول. هذا كله من الأمن الذي جعله الله لقريش فجعلهم كعصف مأكول. هذا كله من الأمن الذي جعله الله لقريش سكان حرمه؛ لتظل الكعبة مسكونة بهم، وما داموا هم سكان الحرم والناس تأتيهم من كل الأنحاء للحج كل عام، فسوف يظل لهم الأمن بين القبائل، ولا يجرؤ أحد على الأعتداء عليهم، أو التعرُّض لقوافلهم في رحلة الشتاء والصيف، وأيُّ أمن، وأيُّ مهابة بعد هذا؟
ومع الحجيج يُجلب الطعام وتُجلب الأرزاق، وصدق الله العظيم:{لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشتآء والصيف فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}[قريش: ١ - ٤] .
وكيف بعد هذا الأمن والأمان يخاف مَنْ يؤمن بمحمد أنْ يُتخطَّف من أرضه؟ إنها مقولة لا مدلولَ لها.