إذن: حين تجري عليك الأقدار المؤلمة، فيكفيك للصبر عليها أنْ تعلم أنها حكمة الله، ويكفيك أن مُجريها عليك ربك، فإنْ جاءت الأقدار المؤلمة بسبب تقصيرك، فلا تلومنَّ إلا نفسك، كالطالب الذي يُهمل دروسه ويتكاسل، فيفشل في الامتحان، فالفشل نتيجة إهماله وتكاسله.
أما الذي يذاكر ويجدّ ويُبكِّر إلى الامتحان مُسْتبشراً فتصدمه سيارة مثلاً في الطريق، تمنعه من أداء امتحانه، فهذا هو القدر المؤلم الذي له حكمة، وربما داخله شيء من الغرور، وعوَّل على مذاكرته، ونسي توفيق الله له، فأراد الله أنْ يُلقّنه هذا الدرس ليعلمه أن الأمر في النهاية بيد الله وبمعونته، وأنه الخاسر إنْ لم تصادفه هذه المعونة، على حَدٍّ قول الشاعر:
إذَا لم يكُنْ عَوْنٌ مِنَ الله للفتَى ... فَأَوَّلُ مَا يَجْني عليْهِ اجتهادُهُ
فعليك إذن أنْ تنظر إنْ كانت المصيبة نتيجة لما قدمت، فلا تلومنَّ إلا نفسك، فإنْ كنتَ قد أخذت بالأسباب، واستوفيتَ ما طُلب منك، ثم أصابتْك المصيبة، فاعلم أن لله فيها حكمة، وعليك أنْ تحترم حكمة الله وقدره في خَلْقه.
وباعتبار آخر، يمكن أن نقسم المصائب إلى قسمين: قسم لك فيه غريم، كأن يعتدي عليك غيرك بضرب أو قتل أو نحوه، وقسم ليس لك فيه غريم كالموت والمرض مثلاً.
وقد أعطانا الحق - سبحانه وتعالى - حكماً في كل منهما، ففي النوع الأول حيث لا غريمَ لك، يقول تعالى على لسان لقمان وهو يوصي ولده:{واصبر على مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور}[لقمان: ١٧] .