الماء حتى صار كالجبل، وضرب بها الحجر فانبجس منه الماء.
إنها طلاقة القدرة التي لا تعتمد على الأسباب، فالمسبِّب هو الله سبحانه يفعل ما يشاء، فليست الأشياء بأسبابها، إنما بمراد المسبِّب فيها؛ لذلك يقول أحمد شوقي في قصيدة النيل:
ومِنَ السماءِ نزلْتَ أم على ... الجِنَان جداولاً تترقرقُ
إلى أنْ يقول:
الماء تَسْكُبه فَيْصبح عَسْجَداً ... والأرضُ تُغرِقُها فيحيَا المغْرَقُ
والمأخوذ هنا هم المكذِّبون لنوح - عليه السلام - الذين ظلموا أنفسهم لما كذَّبوا رسولهم، ولم يستمعوا للهدى، ثم يُنجِّي الله نوحاً - عليه السلام - بالسفينة التي قال الله عنها في سورة هود:{وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مجراها وَمُرْسَاهَا ... }[هود: ٤١] .
وقد أمره الله بصناعة السفينة:{واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الذين ظلموا إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ}[هود: ٣٧] فكان نوح - عليه السلام - على علم بعاقبة المكذِّبين الظالمين من قومه، واحتفظ بها في نفسه، وهو يصنع السفينة كما أمره ربه.
لكن، أكانت السفينة شيئاً معروفاً لهؤلاء القوم، ولها مثال سابق لديهم؟ لا، لم يكونوا يعرفون السفن، بدليل أنهم تعجَّبوا من فعْل نوح، وسخروا منه وهو يصنعها {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ ... }[هود: ٣٨] فكان يردُّ عليهم في نفسه: {إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا