وهي الطاعة في الأمر والانتهاء عن المنهي عنه، وهذه العبادة مطلوبة من الكل، وهي شريعة كل الأنبياء والرسل:{شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى أَنْ أَقِيمُواْ الدين وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ ... }[الشورى: ١٣] .
إذن: فمسألة العبادة والإيمان باليوم الآخر من القضايا العامة التي لا تختلف فيها الرسالات، أما الشرائع: افعل كذا، ولا تفعل كذا فتختلف من نبي لآخر.
ومعنى:{وارجوا اليوم الأخر. .}[العنكبوت: ٣٦] أي: اعملوا ما يناسب رجاءكم لليوم الآخر، وأنت لماذا تحب اليوم الآخر، ولماذا ترجوه؟ لا يحبه ولا يرجوه إلا مَنْ عمل عملاً صالحاً فينتظره لينال جزاء عمله وثواب سَعْيه، وإلا لو كانت الأخرى لقال: وخافوا اليوم الآخر.
إذن: الرجاء معناه: اعملوا ما يُؤهّلكم لأنْ ترجُوا اليوم الآخر، والإنسان لا يرجو إلا النافع له. وهنا لك أنْ تسأل: هل إذا آمن الإنسان ونفَّذ أحكام ربه أمراً ونهياً، فجزاؤهم في الآخرة رجاء يرجوه أم حَقٌّ له؟ المفروض أن يقول للطائعين: ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون، فهي واجبة له ومن حَقِّه، فكيف يسميه القرآن رجاءً وهو واقع؟
قالوا: لأن جزاءنا في الجنة فَضْلٌ من الله، لأنه سبحانه خلقنا وخلق لنا، وأمدَّنا بالطاقات والنعم قبل أنْ يُكلِّفنا شيئاً، فحين تعبد الله حقَّ العبادة فإنك لا تقضي ثمن جميله عليك، ولا توفيه سبحانه ما يستحق، فإذا أثابك في الآخرة فبمحْض فَضلْه وكرمه.
لذلك قال سبحانه: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ