الحجر) وفي (هود) قال (الصيحة) وحتى لا تتهم الآيات بالتضارب نقول: الصيحة: صوت شديد مزعج، وهذا الصوت لا نسمعه إلا بتذبذب الهواء بشدة، ولو كان تذبذب الهواء بلطف ما سميت صيحة.
إذن: الصيحة تخلخل في الهواء بشدة؛ لا بد أنْ ينتج عنه رجفة أي: هزة شديدة كالتي تهدم بالبيوت والعمارات نتيجة قنبلة مثلاً، فالصيحة وُجدت أولاً، تبعتها الرجفة، لكن القرآن مرة يذكر الأصل فيقول (الصيحة) ومرة يذكر النتيجة فيقول (الرجفة) .
{فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[العنكبوت: ٣٧] قال (فَأصْبَحُوا) ولم يقُلْ مثلاً: فصاروا ليُحدِّد وَقْت أخذهم بالصباح، والعادة أن تكون الإغارة وقت الصباح قبل أن يستعد خَصْمك لملاقاتك، فما يزال في أعقاب النوم خاملاً، وإلى الآن يفضل رجال الحرب والقادة أن تبدأ الحرب في الصباح، حيث يُفَاجأ بها العدو.
وقد أصبح هذا الوقت قضية عامة، تُعَدُّ مخالفتها من قبيل المكْر والخدعة في الحرب، كما خالفها قادتنا في حرب أكتوبر ٧٣، حيث فاجأوا عدوهم في وقت الظهيرة، وقد تمت لهم المفاجأة، وأخذوا عدوهم على غِرَّة؛ لأنهم غيَّروا الوقت المعتاد، وهو الصبح.
إذن: على الإنسان ألاَّ يتخذ في أموره قضية رتيبة، بل يُخضِع أموره لما يناسبها.
ومن الطرائف: حرص الرجل على أنْ يوقظ ولده مبكراً ليذهب