وعجيب أن يوم الزهرة، وهو ثاني كوكب من الشمس يُقدَّر ب ٤٤ يوماً من أيام الأرض، في حين أن العام بالنسبة لها يُقدَّر ب ٢٥ يوماً من أيام الأرض، فالعام أقل من اليوم، كيف؟ قالوا: لأن هذه دورة مستقلة، وهذه دورة مستقلة، فهي سريعة في دورانها حول الشمس، وبطيئة في دورانها حول نفسها.
ولو علمتَ أن في الفضاء وفي كون الله الواسع مليون مجموعة مثل مجموعتنا الشمسية في (سكة التبَّانة) ، وهذا كله في المجرة التي نعرفها - لو علمت ذلك لتبيَّن لك عظَم هذا الكون الذي لا نعرف عنه إلا القليل؛ لذلك حين تقرأ:
{والسمآء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات: ٤٧] فاعلم أنها مسألة لا نهاية لها ولا حدودَ في علمنا وفي عقولنا، لكن لها نهاية عند الله.
ولا أدلَّ على انضباط حركة هذه الكونيات من انضباط موعد الكسوف أو الخسوف الذي يحسبه العلماء فيأتي منضبطاً تماماً، وهم يبنون حساباتهم على حركة الكواكب ودورانها؛ لذلك نقول لمن يكابر حتى الآن ويقول بعدم دوران الأرض: عليك أن تعترف إذن أن هؤلاء الذين يتنبأون بالكسوف والخسوف يعلمون الغيب. فالأقرب - إذن - أن نقول: إنها لله الذي خلقها على هذه الهيئة من الانضباط والدقة، فاجعلها لله بدل أنْ تجعلها للعلماء.
ثم يقول سبحانه:{ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأرض ... }[الروم: ٢٥] معنى {دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأرض ... }[الروم: ٢٥] المراد النفخة الثانية، فالأولى التي يقول الله عنها:{إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ}[يس: ٢٩] والثانية يقول فيها: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ}[يس: ٥٣] .