للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنْ يوافق حقائق الدين، أمّا إنْ تدخَّل الهوى فسد الفكر.

وقوله تعالى {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيات لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: ٢٨] العقل وسيلة من وسائل الإدراك في الإنسان؛ لأن الله تعالى قال: {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨] .

لكن، كيف تُربَّى الأمور العقلية في الناس؟ تُربَّى عن طريق الحواس والإدراك، فالعين ترى، والأذن تسمع، واللسان يتذوق، واليد تلمس، والأنف يشمُّ، إلى آخر الحواس التي توصلنا إليها كحاسة البين، وحاسة العضل وغيرها.

لذلك احتاط العلماء في تسمية الحواس فقالوا «الحواس الخمس الظاهرة» ليدعوا المجال مفتوحاً لحواس أخرى، فهذه الوسائل تدرك المعلومات وتنقلها إلى العقل ليراجعها وينتهي فيها إلى قضايا يجعلها دستوراً لحياته، فأنت تأكل مثلاً العسل فتدرك حلاوته، وتأكل الجبن فتدرك ملوحته، فتتكون لديك قضية عقلية أن هذا حلو، وهذا مالح. . إلخ.

وحين تستقر هذه القضايا في القلب تصير عقيدة لا تخرج للتفكير مرة أخرى، ولا تمر على العقل بعد ذلك، فقد انعقد عليها الفؤاد، وترسختْ في الذهن.

ودَوْر العقل أن يعقل هذه القضايا، وأنْ يختار بين البدائل، والأمر الذي لا بديلَ له لا عملَ للعقل فيه، فلو أنك مثلاً ستذهب إلى مكان ليس له إلا طريق واحد فلا مجال للتكفير فيه، لكن إنْ كان لهذا المكان أكثر من طريق فللعقل أنْ يفاضل بينها ويختار الأنسب منها فيسلكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>