وقوله تعالى:{وَأَقِيمُواْ الصلاة ... }[الروم: ٣١] أقيموا الصلاة أدُّوها على الوجه الأكمل، وأدُّوها على ما أُحبُّ منكم في أدائها، فساعة أناديك: الله أكبر يجب أن تقبل عليَّ، وأنت حين تُلبِّي النداء لا تأتي لتعينني على شيء، ولا أنتفع بك في شيء، إنما تنتفع أنت بهذا اللقاء، وتستمد مني العون والقوة، وتأخذ شحنة إيمان ويقين من ربك.
وقلنا: ما تصورك لآلة تُعرَض على صانعها كل يوم خمس مرات أيبقى بها عَطَب؟ لذلك يُعلِّمنا نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه إذا حزبنا أمر أن نهرع إلى الصلاة، وكذلك كان يفعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا عزَّ عليه شيء، أو ضاقت به الأسباب، وإلا فما معنى الإيمان بالله إنْ لم تلجأ إليه.
وما دام ربك غيباً، فهو سبحانه يُصلحك بالغيب أيضاً، ومن حيث لا تدري؛ لذلك أمرنا ربنا بإقامة الصلاة، وجعلها عماد الدين والركْن الذي لا يسقط عنك بحال، فالزكاة والحج مثلاً يسقطان عن الفقير وعن غير القادر، والصوم يسقط عن المريض أو المسافر، في حين مرضه أو سفره، ثم يقضيه بعد انقضاء سبب الإفطار.
أما الصلاة فهي الركْن الدائم، ليس مرة واحدة في العمر، ولا مرة واحدة في العام، إنما خمس مرات في اليوم والليلة، فبها يكون إعلان الولاء لله تعالى إعلاناً دائماً، وهذا إنْ دلَّ فإنما يدل على عظمة الإنسان ومكانته عند ربه وخالقه.
وسبق أن قلنا: إنك إنْ أردتَ مقابلة أحد المسئولين أو أصحاب المنزلة كم تعاني ليُؤذَن لك، ولا بُدَّ أن يُحدِّد لك الموعد والمكان، بل وموضوع المقابلة وما ستقوله فيها، ثم لصاحب المقابلة أنْ يُنهيها متى يشاء.