للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن: لا تملك من عناصر هذا اللقاء شيئاً؟ أما في لقائك بربك - عَزَّ وَجَلَّ - فالأمر على خلاف ذلك، فربُّك هو الذي يطلبك ويناديك لتُقبل عليه، لا مرة واحدة بل خمس مرات كل يوم، ويسمح لك أنْ تناجيه بما تحب، وتطلب منه ما تريد.

ولك أن تنهي أنت المقابلة بقولك: السلام عليكم، فإنْ أحببتَ أن تطيل اللقاء، أو أنْ تعتكف في بيت ربك فإنه سبحانه لا يملُّ حتى تملُّوا، فهذه - إذن - ليست عبودية، بل عزٌّ وسيادة.

وما أجملَ ما قاله الشاعر في هذا المعنى:

حَسْبُ نَفْسِي عِزّاً بأنِّي عَبْدٌ ... يحتَفِي بي بلاَ مَواعِيدَ رَبُّ

هُوَ في قُدْسِهِ الأعَزِّ ولكِنْ ... أنَا أَلْقى متَى وأيْنَ أُحِبّ

ولأن للصلاة هذه المنزلة بين أركان الإسلام لم تُفرض بالوحي كباقي الأركان، إنما فُرضَتْ مباشرة من الله تعالى لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حين استدعاه ربه للقائه في السماء في رحلة المعراج.

وسبق أنْ مثَّلنا لذلك - ولله تعالى المثل الأعلى - برئيس العمل الذي يُلقي أوامره بالتليفون، أو بتأشيره على ورقة، فإنْ تعرَّض لأمر هام استدعى الموظف المختص إلى مكتبه، وأعطاه الأمر مباشرة لأهميته، كذلك كانت الصلاة، وكذلك فُرِضَتْ على سيدنا رسول الله بالتكليف المباشر.

ثم يقول سبحانه: {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين} [الروم: ٣١] وهنا وقفة: فكيف بعد الإنابة إلى الله والتقوى، وبعد الأمر بإقامة الصلاة يقول {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المشركين} [الروم: ٣١] ؟ وأين الشرك ممَّنْ يُؤدِّي التعاليم على هذا الوجه؟ قالوا: الشرك المنهيّ عنه هنا ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>