للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لذلك أبهم الحق - سبحانه وتعالى - الموت، ونثر أزمانه في الخَلْق: فهذا يموت قبل أن يولد، وهذا يموت طفلاً، وهذا يموت شاباً.

. الخ وإبهام الموت سبباً وموعداً ومكاناً هو عَيْن البيان؛ لأنه أصبح شاخصاً أمام كل مِنَّا ينتظره في أيِّ لحظة، فيستعد له.

ونلحظ هنا أن الأسلوب القرآني عطف فعل الأمر {فَتَمَتَّعُواْ. .} [الروم: ٣٤] على الفعل المضارع {لِيَكْفُرُواْ ... } [الروم: ٣٤] ، وفي موضع آخر قال سبحانه: {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ ... } [العنكبوت: ٦٦] فجعل التمتُّع ليس خاضعاً لفعل الأمر، إنما للعلة: ليكفروا وليتمتعوا.

لذلك اختلفوا حول هذه اللام. أهي للأمر أم للتعليل، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} [الروم: ٣٤] جاءت بعد {فَتَمَتَّعُواْ ... } [الروم: ٣٤] وهذه جاءتْ معطوفة على {لِيَكْفُرُواْ ... } [العنكبوت: ٦٦] فكأنه قال: اكفروا وتمتعوا، لكن ستعلمون عاقبة ذلك.

والذي جعلهم يقولون عن اللام هنا لام التعليل أنها مكسورة، أما لام الأمر فساكنة، فلما رأوا اللام مكسورة قالوا لام التعليل، أما الذي فهم المعنى منهم فقال: ما دام السياق عطف فعل الأمر فتمتعوا على المضارع المتصل باللام، فاللام للأمر أيضاً، لأنه عطف عليها فعل الأمر، وهو هنا للتهديد.

لكن، لماذا كُسِرَتْ والقاعدة أنها ساكنة؟ قال أحد النحاة: لام الأمر ساكنة، ويجوز أنْ تُكْسَر، واستشهد بهذه الآية {لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ ... } [العنكبوت: ٦٦] .

ونقول لمن يقول: إنها لام التعليل: إذا سمعت لام التعليل فاعلم أنها تعني لام العاقبة؛ لأن الكفر والتمتّع لم يكُنْ سبباً في إذاقة الرحمة.

ويا مَنْ تقول لام الأمر سيقولون لك: لماذا كُسِرت؟ وفي القرآن شواهد كثيرة تدل على أنها قد تُكسر، واقرأ قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>