للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقلنا له: لو تصدقْتَ بدولار مثلاً فقد عملتَ حسنة تُضَاعف لك إلى عشر، لكن أردُّ إليك دولارك الذي تصدَّقْتَ به؟ لا، إذن حقيقة الأمر أنك أخذتَ تسعة تضاعف إلى ثمانية عشر.

قالوا: فلماذا زاد ثواب القرض؟ نقول: لأن المتصدِّق حين يتصدق ينقطع أمله فيما قدَّم، لكن المقرض لا يزال مُعلَّق البال في القرض ينتظر ردّه، فكلما صبر عليه أخذ أجراً، ثم إن المقترض لا يقترض إلا عن حاجة، أما المتصدَّق عليه فقد يقبل الصدقة وهو غير محتاج إليها، وربما كان ممَّنْ يكنزون المال.

إذن: فالحق سبحانه يريد أنْ يُنمي القرض لماذا؟ قالوا: لأن الله يريد أن تسير حركة الحياة، وأنْ تتكامل، وأنت تعتز بمالك وتخاف عليه وتريد له النماء، وسوف تجد هذا كله في القرض، فاجعله قرضاً، فهو الباب الذي فتحه الله لك للزيادة وللثواب.

ثم إن الله تعالى احترم ملكيتك لمالك، وحرص على حمايته لك، فقال: {ياأيها الذين آمنوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى فاكتبوه ... } [البقرة: ٢٨٢] .

فالله يحفظ عليك مالك لتهدأ بالاً من ناحيته، ومع ذلك يترك مجالاً لأريحية المعطي ومروءته {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الذي اؤتمن أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ ... } [البقرة: ٢٨٣] .

وبهذه الفلسفة الإيمانية يدور المال وتسير به حركة الحياة، بحيث يضمن لصاحب المال ماله، لأنه مُحِبٌّ له حريص عليه، ويضمن لمن لا مالَ له أنْ يتحرك من مال الغير، فإذا كانت هناك أمانة أداء، فكل صاحب أمانة عليه أنْ يؤدِّيها لمستحقها.

فإن اختلت هذه الموازين، وماطل الفقيرُ الغنيَّ، وضنَّ عليه أنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>