يردَّ إليه حقه، فقد فسد حال المجتمع وانهارت فيه هذه القيم، وساعتها لا نلوم القادر على العطاء إنْ أمسك ماله عن المحتاجين للقرض ولِمَ لا؟ والناس يأكلون الحقوق، وبذلك تتوقف حركة الحياة ويتراجع المجتمع عن مسايرة حركة التقدم.
فإذا كان الربا غير المشروط، وهو الربا في الهدايا والمجاملات والتحية بين الناس جعله الله للمودَّات وللمروءات بين الناس، لا يثيب عليه ولا يعاقب، وقال عنه {فَلاَ يَرْبُو عِندَ الله ... }[الروم: ٣٩] .
أما الربا المشروط فقد وقف معه وقفة حازمة، وشرع له عقاباً وجعل هذا العقاب من جنس ما يضادّ غرض الذي رَابَى، فأنت ترابي لتزيد من مالك، فيقابلك الله بالنقصان {يَمْحَقُ الله الربا ... }
[البقرة: ٢٧٦] لماذا؟
قالوا: لأن المعطي غنيٌّ واجد، لديه فائض من المال يعطي منه، أما الآخذ فمحتاج، فكيف نطلب من المحتاج أنْ يزيد في مال الواجد غير المحتاج؟ وكيف تكون نظرة المحتاج إليك حين يعلم أن عندك مالاً يزيد عن حاجتك، ومع ذلك ترفض أن تُقرضه القرض الحسن، بل تشترط عليه الزيادة، فتأخذ الزيادة منه وهو محتاج؟
ثم افرض أنني أخذت هذا القرض لأثمره وأنميه فخسر، أليس كافياً أنْ أخسر أنا عملي، وأنْ يضيع مجهودي؟ أمن العدل أن أخسر عملي، ثم أكون ضامناً للزيادة أيضاً؟ هذه ليست من العدالة؛ لأن شرط العقد أن يحمي مصلحة الطرفين، أما عقد الربا فلا يحمي إلا مصلحة الدائن.
ونحن نرى حتى التشريعات الوضعية في الاقتصاد إذا أعطى البنك مالاً لشخص لعمل مشروع مثلاً ثم خسر وأرادوا تسوية حالته،