النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أوضح لنا هذه القضية في قوله:«الحلال بيِّن، والحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعِرْضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ’ألا وإن لكل ملك حِمىً، ألا وإن حمى الله محارمه» .
فهل قال رسول الله: فمَنْ فعل الشبهات أم: فمَنْ ترك الشبهات؟ إذن: مَنْ وقع في الشبهات لم يستبريء، لا لدينه ولا لِعرْضه، وهل يرضى أحد أنْ يُوصَف هذا الوصف؟ وعجيب أن نسمع مَنْ يقول: وما علاقة العِرْض بهذه المسألة؟ نقول: والله حتى غير المؤمن بدين يستنكف أن يقال عنه أنه مُرابٍ، عِرْضه لا يقبلها فضلاً عن دينه.
لذلك؛ فالمكارون الذين يريدون أن يُغلوها، ويريدون أن يعيشوا على دماء الناس لا يدرون أن النفعية هي القانون الذي يحكم الله به خَلْقه، فيجعل لهم الحسنة بعشر أمثالها، لذلك يقول اليهود: كيف تُحرِّمون الربا والله يعاملكم به؟
نعم، الحق - سبحانه وتعالى - يعاملنا بالربا، ويعطينا بالزيادة؛ لأن هذه الزيادة لا تُنقِص مما عنده سبحانه، أمّا الزيادة من الناس ومن المحتاجين فإنها ترهقهم وتزيدهم فقراً وحاجة.
ثم دَعْكَ من هذا كله، وتأمل في المحيط الذي تعيش فيه، ففي كل بلد أناس يحبون الربا ويتعاملون به، أرأيتم مرابياً مات بخير؟ أمات مرابٍ وثروته كاملة؟ لا، لأن الله تعالى لم يكن ليقول {يَمْحَقُ