للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجوي لذلك يدور معها وهو إكسير الحياة فيها؛ فلا حياة لها إلا به.

إذن: فهواء الأرض من الأرض، وهو أهم الأقوات للأحياء عليها، فحين يقول تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا ... } [فصلت: ١٠] فالهواء داخل فيها، لذلك قال {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض ... } [الروم: ٤٢] .

وقلنا: لو أنك استقرأتَ أجناس الوجود لوجدت أنك الجنس الأعلى في الكون، وكل الأجناس تحتك تخدمك، فأنت تنتفع بالحيوان وبالنبات وبالجماد، فأدنى الأجناس في الكون وهو الجماد له مهمة يؤديها.

فأنت أيها الإنسان الذي كرَّمك الله على كل أجناس الوجود إذا لم تبحث لك عن مهمة تؤديها في الحياة، ودور تقوم به، فأنت أقل منزلةً من أدنى الأجناس وهو الجماد، إذا لم تبحث بعقلك عن شيء ترتبط به يناسب سيادتك على مَنْ دونك، فأنت أتفه من الحجر؛ لأن الحجر له مهمة يؤديها، وأنت لا مهمةَ لك.

لكن هذا الجنس الأدنى إنْ أراد سبحانه أعطاه عزة فوق السيد المخدوم وهو الإنسان، ففي فَرْض الحج يُسَنُّ لك أن تُقبِّل هذا الحجر، وتسعى جاهداً لكي تُقبِّله، وتأمل الإنسان - وهو سيد هذا الوجود - وهو يحاول أنْ يُقبِّل الحجر، ويغضب إنْ لم يتمكن من ذلك.

وتأمل الردَّ من دولة الأحجار على مَنْ عبدها من دون الله:

عَبَدُونَا ونَحْنُ أعبَدُ لله ... منَ القائمين بالأسْحارِ

تَخِذُوا صَمْتنَا عَليْنَا دَليلاً ... فَغدوْنَا لَهُم وقُودَ النارِ

قَدْ تجنَّوا جَهْلاً كما قَدْ تجنَّوْه ... علَى ابْن مريم والحَوارِيَ

للمغَالِي جَزَاؤه والمغَالَي فيهِ ... تُنجِيهِ رَحْمةُ الغفَّارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>