إذن: فأصل الإيمان لصلاح الخلافة، ولا يهتم الله سبحانه بأنك تؤمن أو لا تؤمن، ما دام منهج الخلافة قائماً، وهذا المنهج يعود نفعه على المؤمن وعلى الكافر، فإذا كان الإيمان يُربِّي الإنسان على ألاّ يفعل إلا خيراً وصلاحاً، فالكافر لا بُدَّ وأن يستفيد من هذا الصلاح. وهل قال الشرع للمؤمن: لا تسرق من المؤمن؟ لا إنما أيضاً لا تسرق من الكافر. . الخ، فالكل أمام منهج الله سواء.
وفي القرآن آية ينبغي أنْ نتنبه لها، ونعرف غير المؤمنين بها، ليعلموا أن الإيمان إنما يحمي مصلحة الناس جميعاً، إنها قوله تعالى:{إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَآ أَرَاكَ الله وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً واستغفر الله ... }[النساء: ١٠٥ - ١٠٦] يعني: إنْ خطر لك أن تكون لصالح الخائن، استغفر الله من هذا {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً}[النساء: ١٠٧] ولو كان مؤمناً به.
ولهذه الآية قصة مشهورة هي قصة اليهودي زيد بن السمين، وقد جاءت طعمة بن أبيريق - وكان مؤمناً - وقال: يا زيد خُذْ هذه الدرع أمانة عندك فقبله زيد، وإذا بالدرع مسروق قد سرقه ابن أبيريق من قتادة بن النعمان ووضعه في جوال من الدقيق، فكان على الدرع آثار الدقيق، فلما بحث ابن النعمان عن دِرْعه دَلّه أثر الدقيق على بيت ابن السمين اليهودي فاتهمه بسرقته.
ثم جاءوا به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليحكم في أمره، فقصَّ عليه ما كان من أمر ابن أبيريق، وأنه وضعه عنده على سبيل الأمانة.