وعندها عَزَّ على المسلمين أن يسرق واحد منهم، وأن يأخذها اليهود ذِلّة في حَقِّهم، وأخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يدير الأمر في رأسه، فإنْ حكم على المسلم أخذها اليهود حجة، وإنْ حكم للمسلم كانت عيباً وسُبَّة في الدين، فأسعفه ربه بهذه الآية:{إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَآ أَرَاكَ الله وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً}[النساء: ١٠٥] فقال: بين الناس لا بين المؤمنين فحسب.
ومعنى {وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً}[النساء: ١٠٥] البعض يقولون: لا تخاصم الخائن حتى لا يضطهدك، إنما المراد: لا تكُنْ خصيماً لصالحه. {واستغفر الله ... }[النساء: ١٠٦] إنْ طرأتْ عليك مسألة الإسلام وصورته بين غير المسلمين؛ لأن الله في مبدأ الإصلاح لا يحب كل خوَّان أثيم.
ولو أن غير المسلمين تنبهوا إلى هذه القضية، وعلموا أن الله تعالى عدل الحكم للمؤمنين، وأعلنه لرسول الله، وقرر أن الحق هو الحق، والكل أمامه سواء المؤمن وغير المؤمن لعلموا أن الإسلام هو الدين الحق ولأقبلوا عليه، لذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«من عادى ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة» .
لأنك إنْ عاديتَه واضطهدته أو هددتْه في حياته، أو في عِرْضه، أو في ماله لصارتْ حجة له في ألاَّ يؤمن، وله أنْ يقول: إذا كان هذا هو حال المؤمنين، فما الميزة في الإسلام حتى أعتنقه؟ بل من مصلحتي أنْ أبتعد عنه، لكن إنْ عاملتَه بالحق وبالخير والحسنى