للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في أرض الغرفة، ففي الحالة الأولى يظل الماء فترة طويلة؛ لأن البَخْر قليل، أما في الأخرى فإنه سرعان ما يتبخر.

ثم يقول سبحانه: {فَيَبْسُطُهُ فِي السمآء كَيْفَ يَشَآءُ ... } [الروم: ٤٨] وانظر إلى طلاقة المشيئة، فالمطر يصرفه الله كيف يشاء إلى الأماكن التي تحتاج إلى مطر، ومن العجيب أن الله تعالى حين يريد أن يرزق إنساناً ربما يرزقه من سحاب لا يمر على بلده، وانظر مثلاً إلى النيل، من أين يأتي ماؤه؟ وأين سقط المطر الذي يروي أرض النيل من أوله إلى آخره؟

ومعنى {وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً ... } [الروم: ٤٨] كسفا: جمع كِسْفة، وهي القطعة {فَتَرَى الودق ... } [الروم: ٤٨] المطر {يَخْرُجُ مِنْ خِلاَلِهِ ... } [الروم: ٤٨] أي: من بين هذه السحب.

{فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: ٤٨] والإصابة قد تكون مباشرة، فيهطل المطر عليهم مباشرة، وقد تكون غير مباشرة بأنْ تكون الأرض منحدرة، فينزل المطر في مكان ويسقي مكاناً آخر، بل ويحمل إليه الخِصْب والنماء، كما كان النيل في الماضي يحمل الطمي من الحبشة إلى السودان ومصر.

وكان هذا الطمي يستمر مع الماء طوال مجرى النيل وإلى دمياط، فلماذا لم يترسب طول هذه المسافات؟

لم يترسب بسبب قوة دفع الماء وشدة انحداره، بحيث لا يستقر هذا الطمي ولا يترسب.

وقوله: {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: ٤٨] لأن الرياح حين تمر عليهم تُبشِّرهم بالمطر، وحين ينزل المطر يُبشِّرهم بالزرع والنماء والخِصْب والخير، كما قال تعالى: {وَتَرَى الأرض هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>