للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: ٥] .

وأذكر وأنا صغير وبلدنا على النيل، والنيل من أمامها متسع، وبه عدة جزر يزرعها الناس، فأذكر أننا كنا نزرع الذرة، وجاء الفيضان فأغرقه وهو ما يزال أخضر لم ينضج بَعْد، وكان الناس يذهبون إليه ويجمعونه بالقوارب، ورأيت النساء تزغرد والفرحة على الوجوه، فكنت أسأل أبي رَحِمَهُ اللَّهُ: النيل أغرق الزرع. فلماذا تزغرد النساء؟

فكان والدي يضحك ويقول: تزغرد النساء لأن النيل أغرق الزرع، وهذا هو مصدر الخير، وسبب خصوبة الأرض، فلما كبرتُ وقرأت قصيدة أحمد شوقي رَحِمَهُ اللَّهُ في النيل:

مِنْ أيِّ عَهْدٍ في القُرَى تتدفَّقُ ... وبأيِّ كَفٍّ في المدائن تُغدِق

الماءُ تُرسِلُه فيصبح عَسْجداً ... والأرض تُغرقُها فيحيَا المغرَق

لما قرأتُ هذه القصيدة عرفت لماذا كانت النساء تزغرد حين يُغرق النيلُ الزرعَ.

والاستبشار لنزول المطر يأتي على حسب الأحوال، فإن جاء بعد يأس وقحط وجفاف كانت الفرحة أكبر، والاستبشار أبلغ حيث يأتي المطر مفاجئاً {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: ٤٨] أما إنْ جاء المطر في

<<  <  ج: ص:  >  >>