ثم الاضطجاع، ثم النوم، فمعنى قيام الساعة يعني: أنها جاءت لتؤدي مهمتها أداءً كاملاً.
وسُمِّيَتْ الساعة؛ لأنها دالة على الوقت الذي يأذن الله فيه بإنهاء العالم، وإنْ كانت الساعة عندنا كوحدة الحساب الزمن نقول: صباحاً أو مساءً وَفْق حساب الحكومة أو الأهالي، توقيت كذا أو كذا.
هذه الآلة التي في أيدينا بما تضبطه لنا من وقت أمرها هيِّن، ليست مشكلة أنْ تُقدِّم أو تُؤخِّر عدة ثوانٍ أو عدة دقائق، تعمل (أتوماتيكياً) أو بالحجارة، صُنِعتْ في سويسرا، أو في الصين، هذه الساعة لا تهم، المهم الساعة الأخرى، الساعة التي لا ساعة بعدها، واعلم أنها منضبطةٌ سبحانه، وما عليك إلا أنْ تضبط نفسك عليها، وتعمل لها ألف حساب.
وعجيب أنْ يقسم الكفار يوم القيامة {مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ ... }[الروم: ٥٥] فإنْ كذبوا في الدنيا، فهل يَكذْبون أيضاً في الآخرة؟ قالوا: بل يقولون ذلك على ظنهم، وإلا فالكلام منهم في هذا الوقت ليس اختيارياً، فقد مضى وقت الاختيار، ولم يَعُدْ الآن قادراً على الكذب.
لذلك سيقول الحق سبحانه في آخر الآية:{كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ}[الروم: ٥٥] فقد كانوا يقلبون الحقائق في الدنيا، أما في الآخرة فلن يقلبوا الحقائق، إنما يقولون على حَسْب نظرهم.
والمجرمون: المجرم هو الذي خرج عن المطلوب منه بذنب يخالفه، فنقول: فلان أجرم، والقانون يُسمِّى الفعل جريمة.
ومعنى {مَا لَبِثُواْ ... }[الروم: ٥٥] اللبث: المكْث طويلاً أي في الدنيا، أو: ما لبثوا في قبورهم بعد الموت إلى قيام الساعة، أو: ما لبثوا بعد النفخة التي تميت إلى النفخة التي تُحيي.