أي: اسأل الذين يعدُّون الزمن ويحصونه علينا، والمقصود والملائكة، فهم الذين يعرفون الأحداث، ويسجلونها من خَلْق آدم عليه السلام وإلى الآن، وإلى قيام الساعة.
فلا يسأل عن عدد إلا مَنْ عدَّ بالفعل، أو مَنْ يمكن أنْ يعُدّ، أما الشيء الذي لا يكون مظنة العدِّ والإحصاء فلا يُعَدُّ، وهل عَدَّ أحد في الدنيا رمال الصحراء مثلاً؟ لذلك نسمع في الفكاهات: أن واحداً سأل الآخر: تعرف في السماء كم نجم؟ قال: تسعة آلاف مليون وخمسمائة ألف وثلاثة وتسعون نجماً، فقال الأول: أنت كذاب، فقال الآخر: اطلع عِدّهم.
لكن، لماذا يستقلّ الكفار الزمن فيُقسمون يوم تقوم الساعة ما لبثوا غير ساعة؟ وفي موضع آخر يقول عنهم:{كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يلبثوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات: ٤٦] .
قالوا: لأن الزمن يختلف بحسْب أحوال الناس فيه، فواحد يتمنى لو طال به الزمن، وآخر يتمنى لو قصر، فالوقت الذي يجمعك ومَنْ تحب يمضي سريعاً وتتمنى لو طال، على خلاف الوقت الذي تقضيه على مَضض مع مَنْ تكره، فيمر بطيئاً متثاقلاً.