وعجيب أنْ يُقسِموا بالله في الآخرة ما لبثوا غير ساعة، وقد كفروا به سبحانه في الدنيا.
وفي الآية جناس تام بين كلمة الساعة الأولى، والساعة الثانية، فاللفظ واحد لكن المعنى مختلف {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة ... }[الروم: ٥٥] أي: القيامة {يُقْسِمُ المجرمون مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ ... }[الروم: ٥٥] أي: من الوقت، ومن ذلك قول الشاعر:
ولي أنا وزميلي الدكتور محمد عبد المنعم خفاجة - أطال الله بقاءه - قصة مع الجناس، ففي إحدى حصص البلاغة، قال الأستاذ: لا يوجد في القرآن جناس تام إلا في هذه الآية بين ساعة وساعة، لكن يوجد فيه جناس ناقص، فرفع الدكتور محمد أصبعه وقال: يا أستاذ أنا لا أحب أنْ يُقال: في القرآن شيء ناقص.
فضحك الشيخ منه وقال له: إذن ماذا نقول؟ وقد قسم أهل البلاغة الجناس إلى تام وناقص: الأول تتفق فيه الكلمتان في عدد الحروف وترتيبها وشكلها، فإن اختلف من ذلك شيء فالجناس بينهما ناقص، كما في قوله تعالى:{ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ}[الهمزة: ١] فبين هُمزة ولمزة جناس ناقص؛ لأنهما اختلفا في الحرف الأول.
أذكر أن الشيخ أشار إليَّ وقال: ما رأيك فيما يقول صاحبك؟ فقلت: نسميه جناس كُل، وجناس بعض، يعني: تتفق الكلمتان في كل الحروف أو في بعضها، وبذلك لا نقول في القرآن: جناس ناقص.