لقد صار الإسلام اسما لأمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؛ ولا يُطلق هذا الوصف اسما إلا على من بالغ في التسليم.
كيف؟ نحن نعلم أن لفظ الجلالة «الله» علم لواجب الوجود، ونعلم أن «حي» صفة من صفات الله سبحانه وتعالى. ولكن صارت كلمة «حي» اسما من أسماء الله؛ لأن الله حي حياة كاملة أزلية. إذن لا تكون الصفة اسما إلا إذا أخذ الوصف فيها الديمومة والإطلاق. وعلى هذا القياس يكون الرسل السابقون على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، والأمم السابقة على أمة الإسلام، كانوا مسلمين، وكانوا أمما مسلمة بالوصف، ولكن أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تميزت بالإسلام وصفا وعَلَما، فصار الأمر بالنسبة إليها اسما، ونظرا لأنه لن يأتي شيء بعدها، لذلك صار إسلام أمة رسول الله «علما» . ولقد بشر سيدنا إبراهيم عليه السلام بهذا الأمر:{مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين}[الحج: ٧٨] إن الحق قد أورد على لسان سيدنا إبراهيم بالوضوح الكامل {هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين} ولم يقل الحق: «هو وصفكم بالمسلمين» . لا، إنما قال:{هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين} ، لأن الأمم السابقة موصوفة بالإسلام وأما أمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فهي مسماة بالإسلام. وتجد من إعجازات التسمية، أننا نجد لأتباع الأديان الأخرى أسماء أخرى غير الإسلام، فاليهود يسمون أنفسهم باليهود نسبة ل «يوها» . ويقولون عن أنفسهم:«موسويون» نسبة إلى موسى عليه السلام. والمسيحيون يسمون أنفسهم بذلك نسبة إلى المسيح عيسى ابن مريم. ولم نقل نحن أمة رسول الله عن أنفسنا:«إننا محمديون» لقد قلنا عن أنفسنا: «نحن مسلمون» . ولم يأت على لسان أحد قط إلا هذه التسمية لأمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وصار اسم الإسلام لنا شرفا. إذن، فقول الله الحق:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} يعني أنه، إن جاز أن يكون لرسول أو لأتباع رسول وصف