الإسلام فقد يجيء رسول بشيء جديد لم يكن عند الأمم السابقة فنزيده نحن بالتسليم، وبزيادتنا - نحن المسلمين - بهذا التسليم خُتِمَ التسليم بنا نحن أمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ولذا صار الإسلام لا يُطلق إلا علينا.
إن الحق سبحانه وتعالى يوضح لنا أن الذين أوتوا الكتاب قد اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم. ولماذا اختلفوا؟ جاءت الإجابة من الحق. الأعلى:{بَغْياً بَيْنَهُمْ} وكلمة الاختلاف هذه توحي أن هناك شيئا متفقا عليه، وما دام الإسلام هو خضوعا لمنهج الله. لأنه إله واحد وقائم بالقسط، فمن أين يوجد الاختلاف؟ وما الذي زاد حتى يوجد اختلاف؟ أبرز إلهٌ آخر يناقض الله في ملكه؟ لا لم يحدث. وما دام الإله واحدا، وما دام المنهج القادم من عنده منهجا واحدا، فمن أين جاء هذا الاختلاف؟
إن الحق يوضح لنا أن الاختلاف قد جاء للذين أوتوا الكتاب من بعد ما جاءهم العلم وتلك هي النكاية، وذلك هو الشر، فلو كانوا قد اختلفوا من قبل أن يأتي إليهم العلم لقلنا:«إنهم معذورون في الاختلاف» .
ولكن أن يحدث الاختلاف من بعد أن جاء العلم من الإله الواحد القائم بالقسط فلنا أن نقول لهم: ما الذي جَدَّ لتختلفوا؟ إن الذي جَدَّ هو من عالم الأغيار، وما دام الجديد قد جاء إليهم من عالم الأغيار، فمعنى ذلك أن هوى النفس قد دخل، ونريد أن نعرف أولا معنى الاختلاف، الاختلاف في حقيقته هو ذهاب نفس إلى غير ما ذهبت إليه نفس أخرى.
ولماذا حدث الاختلاف هنا رغم أن الإله واحد، وهو قائم بالقسط؟ لا بد لنا أن نستنتج أن شيئا جديدا قد نبت، ما هو هذا الشيء؟ إنه الهوى المختلف، وحينما يقال:«اختلفوا» فنحن نعلم أن جماعة قد ذهبت إلى شيء وجماعة أخرى ذهبت إلى شيء آخر. وقد نستنتج أن طرفا قد ذهب إلى حق، وأن الطرف الآخر قد ذهب إلى باطل، أو أنهم جميعا قد ذهبوا إلى باطل. والذهاب إلى الباطل قد يختلف؛ لأن كل باطل له لون مختلف. هل أراد الحق سبحانه وتعالى أن يقول: أنا أنزلت الأديان، ومن رحمتي بخلقي تركت بعضا من الناس يحتفظون بالحق في ذاته وإن طرأ عليهم أناس يختلفون معهم. وتجد المثال لذلك في اليهود، عندما جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. لقد اختلفوا، وأسلم منهم أناس وآمنوا برسالة النبي الخاتم، بينما