للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن مَنْ يشكر تعود إليه ثمرة شكره.

وإياك أن تظن أن من مقومات قيومية ربك أنْ تشكره، فشكْرك وعدمه سواء بالنسبة لله تعالى، كيف وقد وسِع سبحانه الكافر الذي كفر به، ولم يقطع عنه نعمه؛ ذلك لأنه سبحانه غني عن خَلْقه {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: ١٢] لأنه سبحانه يعرف أنه رب، حتى للكافر الجاحد.

ونلحظ في الأسلوب هنا عظمة وروعة، ففي الشكر قال سبحانه {وَمَن يَشْكُرْ. .} [لقمان: ١٢] أما في الكفر فقال: {وَمَن كَفَرَ. .} [لقمان: ١٢] ولم يقل: ومَنْ يكفر، وفَرْق بين الأسلوبين، والكلام هنا كلام ربٍّ، ففي الشكر جاء بالفعل المضارع {يَشْكُرْ ... } [لقمان: ١٢] الدال على الحال والاستقبال، فالشكر متجدد ودائم على خلاف الكفر.

وكأنه - سبحانه وتعالى - لا يريد من عبده الدوام على كفره، فلعله يتوب ويرجع إلى ساحة الإيمان، فجاء بالفعل الماضي {كَفَر. .} [لقمان: ١٢] أي: في الماضي فحسب، وقد لا يعود في المستقبل، وهذا مظهر من مظاهر الإعجاز البياني في القرآن الكريم.

ومعنى {حَمِيدٌ} [لقمان: ١٢] من صيغ المبالغة على وزن «فعيل» وتأتي مرة بمعنى «فاعل» مثل رحيم، ومرة بمعنى «مفعول» مثل قتيل أي: مقتول، والمعنى هنا {حَمِيدٌ} [لقمان: ١٢] أي: محمود وجاءت هذه الصفة بعد {غَنِيٌّ} [لقمان: ١٢] لأن الكافر لو كان يعلم أن الله لم يقطع عنه نعمه رغم كفره به لحمد هذا الإله الذي حلم عليه، ولم يعامله بالمثل.

<<  <  ج: ص:  >  >>