للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبادته لله وحده، وبذلك يكون في معية الله، ومَنْ كان في معية ربه فلا يجرؤ الشيطان على غوايته، ولا يُضيع وقته معه، إنما ينصرف عنه إلى غافل يستطيع الدخول إليه، فالذي ينجيك من الشيطان أن تُسلم وجهك لله.

وقد ضربنا لذلك مثلاً بالولد الصغير حينما يسير في صحبة أبيه فلا يجرؤ أحد من الصبيان أن يعتدي عليه، أما إنْ سار بمفرده فهو عُرْضة لذلك، لا يَسْلم منه بحال، كذلك العبد إنِ انفلتَ من يد الله ومعيته.

وهذا المعنى ورد أيضاً في قوله سبحانه: {بلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ ... } [البقرة: ١١٢] وهنا قال {إِلَى الله ... } [لقمان: ٢٢] فما الفرق بين حرفي الجر: إلى، اللام؟

استعمال (إلى) تدل على أن الله تعالى هو الغاية، والغاية لا بُدَّ لها من طريق للهداية يُوصِّل إليها. أمَّا (اللام) فتعني الوَصْل لله مباشرة دون قطع طريق، وهذا الوصول المباشر لا يكون إلا بدرجة عالية من الإخلاص لله.

فقوله تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى الله. .} [لقمان: ٢٢] يعني: أنك على الطريق الموصِّل إلى الله تعالى، وأنك تؤدي ما افترضته عليك.

ومن إسلام الوجه لله قَوْل ملكة سبأ: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ العالمين} [النمل: ٤٤] الكلام هنا كلام ملكة، فلم تقل: أسلمتُ لسليمان، لكن مع سليمان لله، فلا غضاضة إذن.

وإسلام الوجه لله، أو إخلاص العمل لله تعالى عملية دقيقة تحتاج

<<  <  ج: ص:  >  >>