من العبد إلى قدر كبير من المجاهدة؛ لأن النفس لا تخلو من هفوة، وكثيراً ما يبدأ الإنسان العمل مخلصاً لله، لكن سرعان ما تتدخل النفس بما لها من حب الصِّيت والسمعة، فيخالط العملَ شيء من الرياء ولو كان يسيراً.
لذلك؛ فإن سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يتحمل عنا هذه المسألة ويطمئن المسلم على عمله، فيقول في دعائه:«اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردتُ به وجهك، فخالطني فيه ما ليس لك» .
والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليس مظنة ذلك، لكن الحق سبحانه علَّمه أن يتحمل عن أمته كما تحمَّل الله عنه في قوله تعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الذي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ ... }[الأنعام: ٣٣] أي: أنك أسمى عندهم من أن تكون كاذباً. {ولكن الظالمين بِآيَاتِ الله يَجْحَدُونَ}[الأنعام: ٣٣]
وقوله تعالى:{فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى.
.} [لقمان: ٢٢] كلمة استمسك تدلُّ على القوة في الفعل والتشبُّث بالشيء؛ كما نقول (تبِّت فيه) ، وهي تعني: طلب أنْ يمسك؛ لذلك لم يَقُل مسكَ إنما (استمسك) .
وأول مظاهر الاستمساك أنك لا تطمئن إلى ضعف نفسك، فيكون تمسك بالعروة الوثقى أشدّ، كما لو أنك ستنزل من مكان عالٍ على حبل مثلاً فتتشبت به بشدة؛ لأنك إنْ تهاونت في الاستمساك به