للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شبَّهْتُها بالبدْرِ فَاسْتضْحكتْ ... وقابَلَتْ قَوْلِي بالنُّكْر

أي: تكلفت الضحك.

وَسفَّهَتْ قوْلي وقَالَتْ متَى ... سَمُجْتُ حتى صِرْتُ كالبدْرِ

ولك أن تسأل فمن أين عرفت سماجة البدر، وأنه حجارة لا جمالَ فيها؟ تجيب هي حين تقول:

البَدْرُ لاَ يرنُو بعيْن كَما ... أَرْنُو ولاَ يَبْسِمُ عن ثَغْر

ولاَ يُميط المرْطَ عن نَاهدٍ ... ولا يشدُّ العقد في نَحْر

مَنْ قَاسَ بالبَدْر صَفائي فَلا ... زَالَ أَسِيراً في يَدِي هَجْري

إذن: فحقيقة القمر التي عرفناها أخيراً آية من آيات الله الظاهرة والباطنة في الكون أطلعنا الله عليها بسلطان العلم، فلما تيسَّر للبشر الصعود إلى سطحه عرفنا أنه جسم مُعْتم، وصخور لا تنير بذاتها، إنما تعكس أشعة الشمس، فتصل إلينا هادئة حالمة، وكأن القمر كما يقولون: (يصنع من الفسيخ شربات) .

ومن حكمة الخالق سبحانه في خَلْق الشمس والقمر أن تكون الشمس ميزاناً لمعرفة اليوم، والقمر لمعرفة الشهر، وهو الأصل في التكليفات، لأن له شكلاً مميزاً في أول الشهر على خلاف الشمس؛ لذلك يقول سبحانه: {هُوَ الذي جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب ... } [يونس: ٥] .

وتتجلى عظمة التكليف الإلهي وارتباطه بالقمر في فريضة الحج مثلاً، بحيث يتنقل موعد الحج على مدار العام كله، فمرة يأتي في الصيف، وأخرى في الشتاء. . إلخ مما يُيسِّر للحجاج ما يناسب كلاً

<<  <  ج: ص:  >  >>