أخرى {واتقوا النار ... }[آل عمران: ١٣١] وهما بمعنى واحد؛ لأن معنى اتقوا الله: اجعلوا بينكم وبين صفات جلال ربكم وانتقامه وجبروته وقاية، وكذلك في: اتقوا النار.
فالخطاب هنا عام للناس جميعاً مؤمنهم وكافرهم، فالله تعالى يريد أن يُدخلهم جميعاً حيِّز الإيمان والطاعة، ويريد أنْ يعطيهم ويمنّ عليهم ويعينهم، وكأنه سبحانه يقول لهم: لا أريد لكم نِعَم الدنيا فحسب، إنما أريد أنْ أعطيكم أيضاً نعيم الآخرة.
وكذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، كان رحيماً حتى بالكافرين والمعاندين له، كما ذكرنا في قصة اليهودي الذي اتهموه ظلماً بسرقة درع أحد المسلمين، وقد عزَّ على المسلمين أنْ يُرمى واحد منهم بالسرقة، فجعلوها عند اليهودي، وعرضوا الأمر على سيدنا رسول الله، فأداره في رأسه: كيف يتصرف فيه؟
فأسعفه الله، وأنزل عليه:{إِنَّآ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس بِمَآ أَرَاكَ الله ... }[النساء: ١٠٥] لا بين المؤمنين فحسب {وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً}[النساء: ١٠٥] أي: لا تخاصم لصالح الخائن، وإن كان مسلماً، فالناس جميعاً سواء أمام مسئولية الإيمان.
وفَرْق بين: اتقوا ربكم واتقوا الله؛ لأن عطاء الربوبية غير عطاء الألوهية، عطاء الربوبية إيجاد من عَدَم، وإمداد من عُدْم، وتربية للمؤمن وللكافر، أما عطاء الألوهية فطاعة وعبادة وتنفيذ للأوامر، فاختار هنا الرب الذي خلق وربَّى، وكأنه سبحانه يقول للناس جميعاً: من الواجب عليكم أن تجعلوا تقوى الله شكراً لنعمته عليكم، وإنْ كنتم قد كفرتُم بها.
ولا تنتهي المسألة عند تقوى الرب في الدنيا، إنما {واخشوا يَوْماً