لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ. .} [لقمان: ٣٣] أي: خافوا يوماً تُرجعون فيه إلى ربكم، وكلمة (يوم) تأتي ظرفاً، وتأتي اسماً مُتصرِّفاً، فهي ظرف إذا كان هناك حدث سيحدث في هذا اليوم كما تقول: خِفْت شدة الملاحظة يوم الامتحان، فالخوف من الحدث، لا من اليوم نفسه، أمَّا لو قلت خفت يوم الامتحان، فالخوف من كل شيء في هذا اليوم، أي من اليوم نفسه.
فالمعنى هنا {واخشوا يَوْماً. .}[لقمان: ٣٣] لأن اليوم نفسه مخيف بصرف النظر عن الجزاء فيه، وفي هذا اليوم {لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ. .}[لقمان: ٣٣] خصَّ هنا الوالد والولد؛ لأنه سبحانه نصح الجميع، ثم خصَّ الوالدين في الوصية المعروفة
{وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ ... }[لقمان: ١٤]
ثم ذكر حيثيات هذه الوصية وقال:{أَنِ اشكر لِي وَلِوَالِدَيْكَ ... }[لقمان: ١٤] فجعل لهما فضلاً ومَيْزة ومنزلة عند الله، حتى أصبحا مظنة النفع حتى يوم القيامة، فأراد سبحانه أنْ يُبينَّ لنا أن نفع الوالد لولده ينقطع في الآخرة، فكلٌّ منهما مشغول بنفسه، فلا ينفع الإنسان حتى أقرب الناس إليه.
وفي سورة البقرة:{واتقوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً ... }[البقرة: ٤٨] أي: مطلق النفس، لا مجرد الوالد والولد، إنما عامة الناس لا ينفع أحد منهم أحداً أيّاً كان.
والآية بهذا اللفظ وردت في موضعين: اتفقا في الصدر، واختلفا في العَجُز، وهي تتحدث عن نَفْسين: الأولى هي النفس الجازية أي: التي تتحمل الجزاء، والأخرى هي النفس المجزَّية التي تستحق العقوبة.
فالآية التي نظرت إلى النفس المجزَّى عنها، جاء عَجُزها {وَلاَ يُقْبَلُ