ومعنى: عَدْل أي فدية، فالنفس المجزيّ عنها أول مرحلة عندها لتدفع عن نفسها العذاب أن تعرض الفدية، فلا يقبل منها فدية، لكنها لا تيأس، بل تبحث عَمَّنْ يشفع لها من أصحاب الجاه والمنزلة يتوسط لها عند الله، وهذه أيضاً لا تنفع.
أما النفس الجازية، فأول ما تعرض تعرض الشفاعة، فإنْ لم تُقبل عرضت العدل والفدية؛ لذلك جاء عَجز الآية الأخرى الذي اعتبر النفس الجازية بتقديم الشفاعة على العدل. إذن: ذَيْل الآية الأولى عائد على النفس المجزىَّ عنها، وذيل الآية الثانية يعود على النفس الجازية.
وهنا {لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ. .}[لقمان: ٣٣] لأن الوالد مظنّة الحنان على الولد، وحين يرى الوالد ولده يُعذَّب يريد أنْ يفديه، فقدَّم هنا (الوالد) ثم قال: {وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً. .}[لقمان: ٣٣] فقدم المولود، وكان مقتضى الكلام أنْ نقول: ولا يجزي ولده عن والده، فلماذا عدل عن ولد إلى مولود؟
الكلام هنا كلام رب، وفرْق كبير بين ولد ومولود؛ لأن المسلمين الأوائل كان لهم آباء ماتوا على الكفر، فظنوا أن وصية الله بالوالدين تبيح لهم أنْ يجزوا عنهم يوم القيامة، فأنزل الله هذه الآية تبين لهؤلاء ألاَّ يطمعوا في أنْ يدفعوا شيئاً عن آبائهم الذين ماتوا على الكفر.
لذلك لم يقل هنا ولد، إنما مولود، لأن المولود هو المباشر للوالد، والولد يقال للجد وإنْ علا فهو ولده، والجد وإنْ علا والده، فإذا كانت الشفاعة لا تُقبل من المولود لوالده المباشر له، فهي من