للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع سلمان إلى الموقع وأخذ المعول وجاء على الصخرة الكئود وضربها، فحدث شرر أضاء من فرط قوة الاصطدام بين الحديد والصخرة، فهتف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الله أكبر فُتِحَتْ قصور بصرى بالشام، ثم ضرب ضربة أخرى، وقال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: الله أكبر فُتِحَتْ قصور الحمراء بالروم. وضرب ضربة ثالثة وقال: الله أكبر فُتِحَتْ قصور صنعاء في اليمن، فكأنه حين ضرب الضربة أوضح الله له معالم الأماكن التي سوف يدخلها الإسلام فاتحا ومنتصرا، فلما بلغ ذلك القول أعداء رسول الله صلى الله عليه قال الأعداء للصحابة: يمنيكم محمد بفتح قصور صنعاء في اليمين، والحمراء في الروم، وفتح قصور بصرى، وأنتم لا تستطيعون أن تبرزوا لنا للقتال فأنزل الله قوله: {قُلِ اللهم مَالِكَ الملك تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ ... } .

إن المسألة ليست عزما من هؤلاء المؤمنين، إنما هي نية على قدر الوسع، فإن فعلت أي فعل على النية بقدر الوسع فانتظر المدد من الممد الأعلى سبحانه وتعالى.

إن الله سبحانه هو الذي يعطي الملك، وهو الإله الحق الذي ينزع ملك الكفر في كسرى والروم وصنعاء، ويعطي سبحانه الملك لمحمد رسول الله وأصحابه، وينزعه من قريش، وينزع الملك من يهود المدينة حيث كانوا يريدون الملك.

إن قول الحق: {وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ} تجعلنا نتساءل: ما النزع؟ إنه القلع بشدة، لأن الملك عادة ما يكون متمسكا بكرسي الملك، متشبثا به، لماذا؟ لأن بعضا ممن يجلسون على كراسي السلطان ينظرون إليه كمغنم بلا تبعات فلا عرق ولا سهر ولا مشقة أو حرص على حقوق الناس، إنهم يتناسون سؤال النفس «وماذا فعلت للناس» ؟ إن الواحد من هؤلاء لا يلتفت إلى ضرورة رعاية حق الله في الخلق فيسهر على مصالح الناس ويتعب ويكد ويشقى ويحرص على حقوق الناس.

إننا ساعة نرى حاكما متكالبا على الحكم، فلنعلم أن الحكم عنده مغنم، لا مغرم. ولنر ماذا قال سيدنا عمر بن الخطاب عندما قالوا له: إن فقدناك - لا نفقدك - نولى عبد الله بن عمر، وهو رجل قرقره الورع.

. فقال عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: بحسب آل الخطاب أن يُسأل منهم عن أمة محمد رجل واحد، لماذا؟ لأن الحكم في الإسلام مشقة وتعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>