وأمرُ الله لرسوله أن يقول لزوجاته هذا الكلام لا بُدَّ أنْ يكون له رصيد من خواطر خطرتْ على زوجاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لَمَّا رأيْنَ الإسلام تُفْتح له البلاد، وتُجبى إليه الخيرات، فتطلَّعْن إلى شيء من النفقة.
وكلمة الأزواج: جمع زوج، وتُقال للرجل وللمرأة، والزوج لا يعني اثنين معاً كما يظن البعض، إنما الزوج يعني الفرد الذي معه مثله من جنس، ومثله تماماً كلمة التوأم، فهي تعني (واحد) لكن معه مثله، والدليل على ذلك قوله تعالى:{وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ... }[الذاريات: ٤٩] يعني: ذكر وأنثى، فالذكر وحده زوج، والأنثى وحدها زوج، وهذه القسمة موجودة في كل المخلوقات. وتُجمع زوج أيضاً على زوجات.
ونلحظ في الأسلوب هنا أن الحق سبحانه حين يعرض على رسوله أنْ يُخيِّر زوجاته بين زينة الدنيا ونعيم الآخرة يستخدم (إنْ) الدالة على الشكِّ، ولا يستخدم مثلاً (إذَا) الدالة على التحقيق، وفي هذا إشارة إلى عدم المبالغة في اتهامهن، فالأمر لا يعدو أنْ يكون خواطر جالتْ في أذهان بعض زوجاته.
وتعلمون أن سيدنا رسول الله جمع من النساء تسعاً معاً، منهن خمسٌ من قريش، وهُنَّ: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة ابنة أبي أمية، ومن غير قريش: صفية بنت حيي بن أخطب الذي ذكرنا قصته في الأحزاب، ثم جويرية بنت الحارث من بني المصطلق، ثم ميمونة بنت الحارث الهلالية - ومَنْ ذهب عند التنعيم وجد هناك بئر ميمونة، ثم زينب بنت جحش من بني أسد، هؤلاء هُنَّ أمهات المؤمنين التسعة اللائي جمعهنَّ رسولُ الله معاً.