للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما سألْنَ رسول الله النفقة كانت أجرأهُنَّ في ذلك السيدة حفصة بنت عمر، وقد حدث بينها وبين رسول الله مُشَادّة في الكلام، فقال لها: «ألا تحبين أنْ أستدعي رجلاً بيننا؟» فوافقتْ، فأرسل إلى عمر، فلما جاء قال لها رسول الله: تكلَّمي أنت - يعني: اعرضي حاجتك - فقالت: بل تكلم أنت، ولا تقل إلا حقاً.

أثارت هذه الكلمة حفيظة سيدنا عمر، فهاج وقام إلى ابنته فوجأها، فحجزه رسول الله فتناولها ثانية فوجأها، ثم قال لها: إن رسول الله لا يقول إلا حقاً، ووالله لولا أنَّا في مجلسه ما تركتُك حتى تموتي، فقام رسول الله من المجلس ليفضَّ هذا النزاع، وذهب إلى حجرته، واعتكف بها، وقاطع الأمر كله مدة شهر.

وتأمل قول الله تعالى: {إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا ... } [الأحزاب: ٢٨] فأيُّ وَصْف أحقر، وأقلّ لهذه الحياة من أنها دُنْيا؟ وما فيها من مُتَع إنما هي زينة، يعني: ترف في المظهر، لا في الجوهر، كما قال سبحانه في موضع آخر: {اعلموا أَنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأموال والأولاد ... } [الحديد: ٢٠] ثم يعرض رسول الله على زوجاته الخيار الثاني المقابل للحياة الدنيا: {وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ ... .} .

<<  <  ج: ص:  >  >>