أو {وَمَن يَقْنُتْ ... }[الأحزاب: ٣١] أي: بالغ في الصلاح، وبالغ في الورع حتى ذهب إلى القنوت، وهو الخضوع والخشوع.
والنتيجة {نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ... }[الأحزاب: ٣١] فالآية السابقة تقرر مضاعفة العذاب لمن تأتي بالفاحشة، وهذه تقرر مضاعفة الأجر لمن تخضع لله وتخشع وتعمل صالحاً.
{وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً}[الأحزاب: ٣١] أي: أعددناه وجهّزناه لها من الآن، فهو ينتظرها.
وحين تتأمل الأسلوب القرآني في هاتين الآيتين تطالعك عظمة الأداء، فحين ذكر الفاحشة ومضاعفة العذاب جاء الفعل {يُضَاعَفْ ... }[الأحزاب: ٣٠] مبنياً لما لم يُسَمَّ فاعله، أما في الكلام عن القنوت لله، فقال {نُؤْتِهَآ أَجْرَهَا ... }[الأحزاب: ٣١] فجاء الفعل مُسْنداً إلى الحق سبحانه مباشرة، وكأن الحق سبحانه لم يُرِدْ أنْ يواجه بذاته في مقام العذاب، إنما واجه العذاب فقط.
ومجرد بناء الفعل {يُضَاعَفْ ... }[الأحزاب: ٣٠] للمجهول يدل على رحمة الله ولُطْفه في العبارة، فالحق سبحانه يحب خَلْقه جميعاً، ويتحبب ويتودد إليهم، ويرجو من العاصي أنْ يرجع ويفرح سبحانه بتوبة عبده المؤمن أكثر من فرح أحدكم حين يجد راحلته وقد ضلَّتْ منه في فلاة.
وجاء في الأثر: «يا ابن آدم، لا تخافنَّ من ذي سلطان ما دام سلطاني باقياً وسلطاني لا ينفد أبداً، يا ابن آدم، لا تخْشَ من ضيق الرزق وخزائني ملآنة وخزائني لا تنفد أبداً، يا ابن آدم، خلقتُكَ