للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للعبادة فلا تلعب - والمراد باللعب العمل الذي لا جدوى منه - وقسمتُ لك رزقك فلا تتعب» .

والمراد هنا لا تتعب، ولا تشغل قلبك، فالتعب يكون للجوارح، كلما جاء في الحديث الشريف: «مَنْ بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له» ولما رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يداً خشنة من العمل قال: «هذه يد يحبها الله ورسوله» .

فالتعب تعب القلب، فالشيء الذي يطيقه صدرك، وتقدر على تحمُّله لا يُتعبك؛ لذلك نجد خالي الصدر من الهموم يعمل في الصخر وهو هاديء البال، يغني بحداء جميل ونشيد رائع يُقوِّي عزيمته، ويعينه على المواصلة، فتراه مع هذا المجهود فَرِحاً منشرحَ الصدر.

وقد فطن الشاعر العربي لهذه المسألة فقال:

لَيْسَ بحمْلٍ مَا أطَاقَ الظَّهر ... مَا الحمْلُ إلاَّ مَا وَعَأهُ الصَّدْرُ

فالمعنى: أتعب جوارحك، لكن لا تُتعِب قلبك، والكَلَل والتعب لا يأتي على الجوارح إنما على القلب، فأتعب جوارحك في العمل الجاد النافع الذي تأخذ من ثمرته على قدر حاجتك، وتفيض بالباقي على غير القادرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>