ثم يقول:«فإنْ أنتَ رضيتَ بما قَسمتْهُ لك أرحْتَ قلبك وبدنك وكنتَ عندي محموداً، وإنْ أنت لم تَرْضَ بما قََسَمْتُه لكَ فوعزتي وجلالي لأسلطنَّ عليك الدنيا تركضُ فيها ركْضَ الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قَسَمْتُه لك، وكنت عندي مذموماً، يا ابن آدم، خلقتُ السماوات والأرض ولم أَعْيَ بخلقهن، أَيُعْييني رغيفٌ أسوقه لك. . يا ابن آدم، لا تطالبني برزق غد كما لم أطالبك بعمل غدٍ، يا ابن آدم أنا لم أَنْسَ مَنْ عصاني، فكيف بمَنْ أطاعني؟»
وشاهدنا هنا قوله تعالى في آخر الحديث القدسي:«يا ابن آدم، أنا لك محب فبحقي عليك كُنْ لي مُحِباً»
فربُّك يظهر لنا بذاته في مقام الخير وجلب النفع لك، أما في الشر فيشير إليك من بعيد، ويلفت نظرك برِفْق.
كما نلحظ في أسلوب الآية قوله تعالى - والخطاب لنساء النَّبِي {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ ... }[الأحزاب: ٣١] ولم يقل تقنت. . ثم أنَّثَ الفعل في {وَتَعْمَلْ صَالِحاً ... }[الأحزاب: ٣١] فمرة يراعي اللفظ، ومرة يراعي المعنى، وسبق أنْ قُلْنا إن (مَنْ) اسم موصول يأتي للمفرد وللمثنى وللجمع، وللمذكر وللمؤنث.
ونقف أيضاً هنا عند وصف الرزق بأنه كريم {وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً}[الأحزاب: ٣١] قلنا: إن الرزق كل ما يُنتفع به من مأكل، أو مشرب، أو ملبس، أو مسكن، أو مرافق، وقد يأتي في صورة معنوية كالعلم والحلم. . إلخ، وهذا الرزق في الدنيا لا يُوصف بأنه