كتاب تفسير الشعراوي

الأحزاب - ٣٥ - ج: 19 - ص: 12031

عليه السلام عن دينه فقال: إنه مجوسي، فردَّ الباب في وجهه، فعاتبه ربه في ذلك، وقال له: يا إبراهيم تريده أنْ يغير دينه لضيافة ليلة، وأنا أَسَعُه طوال عمره وهو كافر بي؟ فأسرع إبراهيم في إثر الرجل حتى لحق به ودعاه إلى بيته، فقال الرجل: ألم تنهرني منذ قليل، فماذا حدث؟ فقال: لقد عاتبني ربي فيك، فقال الرجل: نِعْم الربّ ربٌّ يعاتب أحبابه في أعدائه، أشهد ألاَّ إله إلا الله.

وقد اشتملتْ هذه الآية على عشر صفات، بدأت بالمسلمين والمسلمات، وانتهت بالذاكرين الله كثيراً والذاكرات، وكأن الله تعالى أوجد مراد السيدة أسماء بنت عُميس في هذه الصفات العَشْر التي جمعتْ الرجال والنساء، واشتملت على كل أنواع التكليف، وهي برقية تدلُّ على أن حكم المرأة التكليفي مطمور في باطن الرجل، وهذه هي الأصول.

ومعنى {والقانتين ... } [الأحزاب: ٣٥] المداومون على عبادة الله وطاعته في خشوع وتضرُّع كما نفهم من قوله تعالى {والمتصدقين والمتصدقات ... } [الأحزاب: ٣٥] أن للمرأة ذمتها المالية المستقلة وحرية التصرُّف في مالها بغير إذن زوجها إذا كانت تملك إرثاً أو هبة من زوجها أو من غيره، فلا ولايةَ عليها من أحد.

وسبق أن أوضحنا هذه المسألة في كلامنا عن الزكاة، وهذه من مَيْزات المرأة في الإسلام، حيث كانت قبل الإسلام، وحتى في الحضارات الحديثة تابعة لأبيها أو لزوجها، والصدقة تشمل الزكاة؛ لأن الله قال فيها: {إِنَّمَا الصدقات لِلْفُقَرَآءِ والمساكين والعاملين عَلَيْهَا ... } [التوبة: ٦٠] .