فالصدقة هي العنوان الأعم، ومعناها أنك صدَّقْتَ الحق سبحانه حين استأمنك على خير، فاستنبط بمجهودك وسعيك في أرض الله التي خلقها، فكأنك تُحقِّق ما كان من سيدنا أبي بكر حين سأله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: ماذا صنع بماله الذي كسبه في الغنيمة؟ قال تصدَّقْتُ به كله، فقال له:«وماذا أبقيتَ لأهلك؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فلما سأل عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: تصدَّقْتُ بنصفه، ولله عندي نصفه.
فكلٌّ منهما تصرَّف في ماله تصرُّفاً منطقياً يناسبه.
وإنْ كانت الزكاة يُراد بها نماء المال وطهارته، فالصدقة عطاء لا يُرَاد به إلا وجه الله وثوابه في الآخرة، فكأن المتصدِّق يريد أنْ يبرَّ، وأنْ يعترف لله المعطي بالفضل؛ لأن الله مكَّنه من مال لم يُمكِّن منه الضعيف، ولا غير القادر.
ثم ذكر الحق سبحانه تكليف الصوم {والصائمين والصائمات ... }[الأحزاب: ٣٥] والصوم أخذ حُكْماً فريداً من بين أحكام التكاليف كلها، والحق سبحانه جعل لكل تكليف من التكاليف (كادر خاص) في الجزاء إلا الصوم، فليس له (كادر) محدد، لذلك قال عنه الحق سبحانه:«إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به» يعني: قرار عالٍ فوق الجميع، فلماذا أخذ الصوم هذه المنزلة؟