شيء آخر: تظنون أن رسول الله وسَّع الله له هذه المسألة، والحقيقة أن الله ضيَّق عليه إذا ما قارناه بغيره من عامة المؤمنين، فالمؤمن له أنْ يمسك أربعَ زوجات، فإذا ماتت إحداهن تزوج بأخرى، وإنْ طلَّق إحداهن تزوج بدلاً منها، فإن مُتْنَ جميعاً أو طلَّقهن، فله أنْ يتزوَّج غيرهن حتى يكمل الأربعة، وهكذا يكون للمؤمن أن يتزوَّج بعدد كثير من النساء.
أما رسول الله - نعم تزوج تسعاً - لكن خاطبه ربه بقوله:{لاَّ يَحِلُّ لَكَ النسآء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ... }[الأحزاب: ٥٢] فمَن الذي ضيِّق عليه إذن؟ محمد أم أمته؟
ثم يا قوم تنبهوا إلى الفرق بين الاستثناء في العدد والاستثناء في المعدود، هل استثني الله نبيه في العدد من أربع إلى تسع، أم استثناه في معدود بذاته، استثناه في المعدود لا في العدد، لأنه لو استثناه في العدد لكان له إذا ماتتْ إحدى زوجاته أنْ يتزوَّج بأخرى، إنما وقف به عند معدود بذاته، بحيث لو ماتوا جميعاً ما كان له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنْ يتزوَّج بعدهن.
وبعد ذلك أظلَّ الحكمُ على رسلو الله هكذا؟ لا، إنما كان في بداية الأمر وبعد ذلك حينما استقرتْ الأمور وأَمِن الله رسولَه قال له: افعل ما تشاء، لأنك مأمون على أمتك.