ثم نقول: هَبُوا أن رسول الله له اختيار في هذه المسألة، ولم تكن مُسْبقة، ألم يُؤدِّ فِعْلُه هذا إلى إلغاء عادة التبني؟ ثم أنُزِعَتْ الرسالة من رسول الله بعد أنْ فعل ما فعل؟ إذن: لا يتناقض مراد الله ومراد رسول الله.
والذين تناولوا سيدنا رسول الله في هذه المسألة مثل الذين تناولوا سيدنا يوسف - عليه السلام - لما قال الله فيه:{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ... }[يوسف: ٢٤] وكأنهم أكثر غيرةً على يوسف من ربه عَزَّ وَجَلَّ، نعم همَّ بها يوسف أي: فكَّر فيها أو غير ذلك، ولن نقول لكم على الصواب لتظلوا في حيرتكم، لكن أنزعَ الله منه الرسالةَ بعد ما همَّ بها؟ إذن: همُّه بها لم يناقض الرسالة، فما تقولونه في هذه المسألة فضول منكم.
ثم تأتي العلة في هذه المسألة {لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً ... }[الأحزاب: ٣٧] ثم تختم الآية بما لا يدع مجالاً للشك في رسول الله: {وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً}[الأحزاب: ٣٧] أي: لا بُدَّ أن يحدث، ولن يترك لأيِّ شخص آخر، حتى لا تفسد القضية في إلغاء عادة التبني، إذن، فزواج رسول الله من امرأة مُتبنَّاه ما كان إلا لرفع الحرج عن جميع المؤمنين، والآن يصح لكل مُتبنٍّ أن يتزوج امرأة مُتبنَّاه.