للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأحزاب: ٤٩] وكل شيء وُصِف في القرآن بالجمال له مزية في ذاته، كما في {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ. .} [يوسف: ١٨] وتسريح الزوجة عادة ما يصاحبه غضب وانفعال، فينبغي أنْ يكون التسريح جميلاً لا عنفَ فيه، كأنْ يُطيِّب خارطها بقوله: هذا قدرنا، وأرجو الله أن يُعوِّض عليك بخير مني أو غير ذلك، مما يراه مناسباً لتخفيف الخطْب عليها، ويكفي أن تتحمل هي ألم المفارقة ومصيبة الطلاق. وأيُّ جمال فيمَنْ يفارق زوجته بالسُّباب والشتائم، ويؤذيها بأن يمنعها حقاً من حقوقها.

وهذه الآية عالجتْ قضية هامة من قضايا الأسرة؛ لأنها مرادة للحق سبحانه، فالله تعالى خلق الإنسان الخليفة، وهو آدم عليه السلام، وخلق منه الزوجة ليُحقِّق منهما الخلافة في الأرض، لكن لماذا هذه الخلافة؟ قالوا: ليستمتعوا بآثار قدرة ربهم وحكمته في كونه، كما تسعد أنت حين تأتي لأولادك بما لَذَّ وطابَ من الطعام، وتفرح حين تراهم يأكلون ويتمتعون بما جئتَ به، تفرح لأنك عدَّيْتَ أثر قدرتك للغير - ولله تعالى المثل الأعلى -.

فما دام الحق سبحانه جعل الخليفة في الأرض ثم حدد مهمته، فقال: {هُوَ أَنشَأَكُمْ مِّنَ الأرض واستعمركم فِيهَا ... } [هود: ٦١] إذن: لا بُدَّ أنْ يضمن لهذا الخليفة مُقوِّمات حياته ومُقوِّمات استبقاء هذه الحياة لا تكتمل إلا بمُقوِّمات بقاء النوع، فإنه لن يعيش في الدنيا وحيداً لآخر الزمان.

واستبقاء الحياة يكون بالقوت؛ لذلك فإن ربك عَزَّ وَجَلَّ قبل أنْ يستدعيك إلى الوجود، وقبل أنْ يخلقك خلق لك، خلق لك الشمس والقمر والنجوم والكواكب والأرض والهواء والماء، فأعدَّ للخليفة كل مُقوِّمات حياته.

واقرأ قول الله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذي خَلَقَ الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>