للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ العالمين وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا في أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ} [فصلت: ١٠] .

إذن: فمخازن القوت مملوؤة {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ} [الحجر: ٢١] وما دام خالق البشر قدَّر لهم الأقوات مُقدَّماً، فليست لك أن تقول «انفجار سكاني» قُلْ: إنك قصرْتَ في استنباط هذا القوت بما أصباك من كسل أو سوء تخطيط.

ونلحظ هذا المعنى في قوله تعالى: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الجوع والخوف بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢] .

ومن الكفر بنعمة الله سَتْرها بالكسل والقعود عن استنباطها، وقد يَشْقي جيل بكسل جيل قبله، لذلك لما تنبَّهنا إلى هذه المسألة، وبدأنا نزرع الصحراء ونُعمِّرها انفرجتْ أزمتنا إلى حَدٍّ ما، ولو بكَّرْنا بزراعة الصحراء ما اشتكينا أزمة، ولا ضاقَ بنا المكان.

والحق سبحانه يُعلِّمنا أنه إذا ضاق بنا المكان ألاَّ نتشبثَ به، ففي غيره سعة، واقرأ: {إِنَّ الذين تَوَفَّاهُمُ الملائكة ظالمي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرض قالوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا ... } [النساء: ٩٧] .

لذلك يخاطب الحق سبحانه نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، حتى في الخلوة الليلية معه: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أدنى مِن ثُلُثَيِ الليل ... } [المزمل: ٢٠] إلى أن يقول: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مرضى ... } [المزمل: ٢٠] والمرضى غير قادرين على العمل، فعلى القادر إذن أنْ يعمل ليِسُدَّ حاجته وحاجة غير القادر {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرض يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله ... } [المزمل: ٢٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>