للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي ذلك قوله تعالى: {والضحى والليل إِذَا سجى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قلى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} [الضحى: ١ - ٥] .

وعجيبٌ أن يقول المشركون عند انقطاع الوحي: إن ربَّ محمد قلاه، ففي الجفوة عرفوا أن لمحمد رباً يجفوه، أما حين الخلوة والجَلْوة قالوا: مُفْترٍ وكذَّاب وشاعر. . إلخ.

ومعنى {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى} [الضحى: ٤] يعني: ستكون عودة الوحي خيراً لك من بدايته؛ لأنه جاءك أولاً فوق طاقتك فأجهدك، أما في الأخرى فسوف تستدعيه أنت بنفسك وتنتظره على شوق إليه، فطاقتك هذه المرأة مستعدة لاستقباله، قادرة على تحمُّله دون تعب أو إجهاد.

إذن: فالحق سبحانه جعل لرسوله ما يُيسِّر له أمر الاندماج في المستقبل، لذلك لما عاوده الوحي لم يتفصَّد جبينه عرقاً، ولا أُجهد كالمرة الأولى، لأن طاقة الشوق عنده وطاقة الحب تغلبتا على هذا التعب وهذا الاجتهاد.

ثم يقول سبحانه: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ... } [الأحزاب: ٥٠] أي: من العدد الذي حُدِّد بأربعة، ومن المهر الذي سُمِّي ساعة العقد، والمراد أن لكلٍّ حكمه وقانونه، فلكَ يا محمد حكم يناسبك، ولأمتك حكم.

وبمناسبة ما نحن بصدده من الحديث عن أحكام الزواج والتعدد يجدر بنا أن نشير إلى الضجة التي يثيرها أعداء الإسلام بسبب مسألة «تعدد الزوجات» ، مع أن التعدد في مصر لم يصل إلى حَدِّ الظاهرة، وليس وباءً كما يُصوِّره البعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>