ولكن الحق سبحانه وتعالى يريد من المؤمنين أن يعملوا بالمنهج. . لماذا؟ . . حتى لا تتعاند حركة الحياة بل تتساند. . ومادامت حركة الحياة مستقيمة. . فإنها تصبح حياة متساندة وقوية. . وعندما انتشر الإسلام في بقاع الأرض لم يكن الهدف أن يؤمن الناس فقط لمجرد الإيمان. . ولكن لابد أن تنسجم حركة الحياة مع منهج الإسلام. . فإذا ابتعدت حركة الحياة عن المنهج. . حينئذ لا يخدم قضية الدين أن يؤمن الناس أو لا يؤمنوا. . ولذلك لابد أن ينص على الإيمان والعمل الصالح. . {والذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} . . والصالحات هي جمع صالحة. . والصالحة هي الأمر المستقيم مع المنهج، وضدها الفساد. . وحين يستقبل الإنسان الوجود. . فإن أقل الصالحات هو أن يترك الصالح على صلاحه أو يزيده صلاحا.
الحق تبارك وتعالى يبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات بجنات تجري من تحتها الأنهار. . والجنات جمع جنة، وهي جمع لأنها كثيرة ومتنوعة. . وهناك درجات في كل جنة أكثر من الدنيا. . واقرأ قوله تبارك وتعالى:{انظر كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً}[الإسراء: ٢١]
. وهناك دار الخلد، ودار السلام، وجنة المأوى. . وهناك عِلِّيُون الذي هو أعلى وأفضل الجنات. . وأعلى ما فيها التمتع برؤية الحق تبارك وتعالى. . وهو نعيم يعلو كثيرا عن أي نعيم في الطعام والشراب في الدنيا. .
والطعام والشراب بالنسبة لأهل الجنة لا يكون عن جوع أو ظمأ. . وإنما عن مجرد الرغبة والتمتع. والله جل جلاله في هذه الآية يَعدُ بأمرٍ غيبي. . ولذلك فإنه لكي يقرب المعنى إلى ذهن البشر. . لابد من استخدام ألفاظ مشهودة وموجودة. . أي عن واقع نشهده. واقرأ، قوله تبارك وتعالى:{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}[السجدة: ١٧]