إذن ما هو موجود في الجنة لا تعلمه نفس في الدنيا. . ولا يوجد لفظ في اللغة يعبر عنه. . ولا ملكة من ملكات المعرفة كالسمع والنظر قد رأته. . ولذلك استخدم الحق تبارك وتعالى الألفاظ التي تتناسب مع عقولنا وإدراكنا. . فقال تعالى:{جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} . .
على أن هناك آيات أخرى تقول:{تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} ما الفرق بين الاثنين. . تجري تحتها الأنهار. . أي أن نبع الماء من مكان بعيد وهو يمر من تحتها. . أما قوله تعالى:{تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} فكأن الأنهار تنبع تحتها. . حتى لا يخاف إنسان من أن الماء الذي يأتي من بعيد يقطع عنه أو يجف. . وهذه زيادة لاطمئنان المؤمنين أن نعيم الجنة باق وخالد. .
ومادام هناك ماء فهناك خضرة ومنظر جميل ولابُدّ أَنْ يكون هناك ثمر. . وفي قوله تعالى:{كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} . . حديث عن ثمر الجنة. . وثمر الجنة يختلف عن ثمر الدنيا. . إنك في الدنيا لابد أن تذهب إلى الثمرة وتأتي بها أو يأتيك غيرك بها. . ولكن في الجنة الثمر هو الذي يأتي إليك. . بمجرد أن تشتهيه تجده في يدك. . وتعتقد أن هناك تشابها بين ثمر الدنيا وثمر الجنة. . ولكن الثمر في الجنة ليس كثمر الدنيا لا في طعمه ولا في رائحته. . وإنما يرى أهل الجنة ثمرها ويتحدثون يقولون ربما تكون هذه الثمرة هي ثمرة المانجو أو التين الذي أكلناه في الدنيا. . ولكنها في الحقيقة تختلف تماما. . قد يكون الشكل متشابها ولكن الطعم وكل شيء مختلف. .
في الدنيا كل طعام له فضلات يخرجها الإنسان. . ولكن في الآخرة لا يوجد لطعام فضلات بل أن الإنسان يأكل كما يشاء دون أن يحتاج إلى إخراج فضلات، وذلك لاختلاف ثمار الدنيا عن الآخرة في التكوين. .
إذن ففي الجنة الأنهار مختلفة والثمار مختلفة.
. والجنة يكون الرزق فيها من الله سبحانه وتعالى الذي يقول «للشيء كن فيكون» . . ولا أحد يقوم بعمل.