كأن الذي يقرأ التوراة والإنجيل يمكنه أن يرى صورة النبي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ من دقة الوصف، لقد عرفته التوراة وعرفه الإنجيل معرفة مفصلة وشاملة، مع نطق وقول يؤكد ذلك وهناك فرق بين أن «تعرف» وبين أن «تقول» ؛ فقد يعرف الإنسان ويكتم ما عرف، ولكنهم عرفوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ واعترفوا بذلك، فقد كانوا من قبل يستفتحون به على الذين كفروا، قال الحق سبحانه:{وَلَمَّا جَآءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين}[البقرة: ٨٩] .
لقد أخذوا الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قبل مجيئه نصرة على الكافرين، فقالوا: سيأتي نبي ونتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم. فماذا فعلوا؟ إن الحق يجيب:{فَلَمَّا جَآءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين}[البقرة: ٨٩] .
إذن هم آمنوا بالرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من قبل مجيئه، فلما جاء كفروا به. انظر إلى العدالة من الحق سبحانه وتعالى، حين يريد أن يدلهم على موقف الصدق والحق والكرامة الإيمانية. {قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب}[الرعد: ٤٣] .
إن الذين عندهم علم الكتاب هم اليهود والنصارى، هؤلاء يشهدون أن محمدا رسول الله، وإن القرآن بعدالته ينصف التوراة والإنجيل وهي الكتب التي بين أيديهم،