{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وشهدوا أَنَّ الرسول حَقٌّ} لقد آمنوا به رسولا من منطوق كتبهم، ثم أعلنوها حينما قالوا:«يأتي نبي نتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم» .
فإذا كانوا قد صنعوا ذلك، فكيف يهديهم الله؟ إنهم ليس لديهم الاستعداد للهداية، ولم يقبلوا على الله بشيء من الحب، لذلك فهو سبحانه لا يعينهم على الهداية ولو أقبلوا على الله لأعانهم قال تعالى:{والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ}[محمد: ١٧] .
وهؤلاء لم يهتدوا، فلذلك تركهم الله بدون هداية المعونة، وهذا يوضح لنا معنى القول الحق:{وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً}[النساء: ٨٨] .
إن الذين لم يهتدوا بهداية الدلالة فلم يؤمنوا يضلهم الله أي يتركهم في غيهم وكفرهم، أي أنه ما دام هناك من لم يؤمن بالله فهل يمسك الله بيده ليهديه هداية المعونة؟ لا؛ لأنه إذا لم يؤمن بالأصل وهو هداية الدلالة، فكيف يمنحه الله هداية المعونة؟ وما دام لم يؤمن بالله أكان يصدق التيسيرات التي يمنحها الله له؟ لا. إنه لا يصدقها، ويجب أن تعلم أن هداية الدلالة هداية عامة لكل مخاطب خطابا تكليفيا، وهو الإنسان على إطلاقه، أما هداية المعونة فهي لمن أقبل مؤمنا بالله وكأن الحق يقول له:«أنت آمنت بدلالتي فخذ معونتي» أو «أنت أهل لمعونتي» أو «ستجد التيسير في كل الأمور» ، أما الذي كفر فلا يهديه الله..
إن الحق سبحانه لا يعين الكافر؛ لأن المعونة تقتضي ابتداء فعلاً من المُعان، والكافر لم يفعل ما يمكن أن ينال به هذه المعونة، فهو لم يؤمن، لذلك يكون القول الفصل:{والله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} ويكون القول الحق {والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} ويكون القول الحق {والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} . إن هؤلاء هم