الظالمون الذين ارتكبوا الظلم الأصيل وهو الشرك بالله كما قال الحق:{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣] .
والحق عندما يتركهم فإنه يزيدهم ضلالا، ويختم على قلوبهم، فلا يعرفون طريقا إلى الإيمان:
{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وشهدوا أَنَّ الرسول حَقٌّ وَجَآءَهُمُ البينات والله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين}[آل عمران: ٨٦] .
لقد جاءهم الرسول بالآيات الدالة على صدق رسالته، ولكنهم ظلموا أنفسهم الظلم الكبير العظيم، وهو الشرك بالله، ولكن هل هذه الآية قد نزلت في أهل الكتاب الذين كان عندهم نعت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإشارات وبشارات به؟ أو نزلت من أجل شيء آخر هو أن أناسا آمنوا برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم كفروا به؟
إن القول الحق يتناول الفئتين، وينطبق عليهم، سواء أكانوا من أهل الكتاب الذين آمنوا بالرسل من قبل ولم يؤمنوا برسالة محمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ، أم من الذين آمنوا برسالة رسول الله ثم كفروا به، كما حدث من بعضهم في عهد الرسول، مثال ذلك طعمة بن أبيرق، وابن الأسلت والحارث بن سويد، هؤلاء أعلنوا الإيمان واتجهوا إلى مكة ومكثوا فيها، تاب منهم واحد وأخذ له أخوه ضمانا عند رسول الله، والباقون لم يتوبوا.
إن القول الحق يتناول الفئتين، وينطبق عليهم جميعا قوله تعالى:
{كَيْفَ يَهْدِي الله قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وشهدوا أَنَّ الرسول حَقٌّ وَجَآءَهُمُ